مرحبا بكم في مدونة عمالقة الشباب الهيثميين

2014
أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

إستطلاع الرأي

السبت، 15 فبراير 2014

ترميم الاستبداد


بقلم: رشيد أمشنوك
ضحك على الذقون و ذر الرماد في العيون، بشعارات و خطابات عف عليها الزمن و لن يصدقها إلا من أصابه الجنون، ما دام الاستبداد يتمظهر لنا في شتى الفنون، راميا الإطالة من عمره، أياما كانت أو سنون. هكذا يمكن أن ننظر إلى وضع بلدنا –المغرب-، في هذه الآونة الأخيرة، حيث الكل تجند و استيقظ، و على سواعدهم تشمروا، و جذوة عزيمتهم اتقدوا، فها هي تصريحات هنا وأخرى هناك، و زيارات هنا و هناك، من أجل هدف واحد ألا و هو تنميق الاستبداد، أما عن النهوض بالبناء الخرب الذي ينتظر إعادة الترميم، فانشغل به الكل و تلملمت حوله أيادي مسيسة،  بارعة في الكولسة و التزييف، فلا يعدو أن يكون إلا مظهرا آخر من مظاهر الاستبداد الذي يعاد ترميمه و تحيين أفاعيله الموبوءة في كل عمل مدبر و خبر منظر و برنامج مسطر.
دق ناقوس الخطر                                   
أينما و ليت وجهك في هذه البلاد السعيدة، إلا و تجد الكارثة تصعقك و أنت تنظر إليها، والأزمة تسحلك لتلقي بك أرضا إن أطلت فيها النظر، إنها حقا بوادر انفجار شعبي و انتفاضة ضد من سحق ثروات المواطنين و صادر حقوقهم، إذ كل شيء حرم منه المواطن و قمع، و في سجون الظلم و الطغيان وضع وقبع، و من عيش كريم و سكن نبيل منع و شمع، أما عن التعليم و الاقتصاد فذاك شأن نخر روحه و بدد الكساد بنيته، فأصبح أم الأزمات يقاس به أثر الاستبداد و يعدد.
فكيف يمكن إذن أن نتحدث عن تغيير وقع؟، في أتون هذه الفظائع، انظر معي إلى التعليم…، جيوش من الطلاب حصلوا على الشهادات و كانت و جهة بعضهم قبة البرلمان، و آخرون تجدهم يفرشون على قوارع الطرق لكي يجلبوا ما به يسدوا رمقهم، و ينسوا ما خلفته أيادي الكولسة و الأدلجة المقيتة، و إن استحال نسيانه، لكي يعود في بداية كل موسم مترشحا لاجتياز امتحان وسط جيوش من المعطلين، راميا بصنارته و من يدري أنها ستصطاد له ما يذهب به ظمأ سنون طوال قضاها في حجرة الدرس و داخل أسوار الجامعة، إنها معادلة صعبة حقا أن تجد مائة و خمسون ألفا أو يزيد من حاملي الشهادات في المغرب سيجتازون امتحانا لم ترصد له سوى ثمانية آلاف من الوظائف الشاغرة، و البقية ستعود من حيث رجعت و كل الأبواب عليها موصدة، إن هذا يعتبر  بمثابة معطى واحد فقط، سقناه لنكشف بصراحة  و وضوح على أن ما فسدته القرون من شؤون العباد لا يمكن أن يصلح  بمجرد خطاب سياسي فحواه التنصل من المسؤولية عن ما آلت اليه الأوضاع في المغرب، أم أن الأمر هو ترميم لاستبداد و فق مقاسات جديدة يستهدف إفشال طرف من الأطراف في مقابل إعداد زمرة جديدة تقبل بالكائن و تسلم بالقبول و السكون.
بالفعل إنه ترميم وفق معايير معاصرة وضعتها الأمريكان، راعية الاستبداد في كل مكان، و تشبث بها الطغاة و الجبابرة ليعدوا للإنسان، ما به تُسلب كرامته و تهان، و يدجن فكره و يستكان، ضاربين عرض الحائط ما يبوحون به من حقوق الإنسان، و كاشفين عن نواياهم النتنة و مصالحهم الفاسدة.
إن كان الترميم مفهوما من المفاهيم المرتبطة بإصلاح البنايات التاريخية، لكي تسترجع رونقها و جمالها الحضاري و التاريخي، فقد أسندناه عمدا للاستبداد الذي يعاد قولبته في كل زمن و يقام بتحيينه وفق كل تصور جديد، لكي يضمن استمراره و استدامته، الذي ظن أهله أنه دائم إلى الأبد تحت يافطة شرعية مصطنعة، و وفق تصورات معدة سلفا من قبل رعاة الاستبداد، في مجالات السياسة و الدين و الاجتماع و الاقتصاد.
إن ذهبت إلى السياسة من حيث اختيار الأمير و من سيتولى شؤون العباد، ستجد كل شيء تغير و تبدل، لا ينفع معها المنطق، و لا بالحساب سيعدل، مقاييس جديدة و معايير مبتكرة، تقاس من خلالها السوائل بالكيلومترات، و المسافات باللترات، بالنزوات يكون التدبير، و الأنانية المستعلية تتسيد على الموقف، إنها إطالة في الطغيان و لو كلف قلب الواحد بالإثنان، و تبديل إنسان بإنسان يستكان و يهان.
أما في الدين فذاك شأن افتضح بدءا، أئمة البلاط سطروا فقهم و به يعززون صرح دعاويهم، إن ناقشتهم  رفضوك لأنك إرهابي و لا تفهم في علمهم البتة، حتى تستسلم لكي تضع فوق رأسك القبعة الحمراء، و تجهر بالخنوع و الخضوع، و بعدها ينبئوك بقولك المشروع.
أما الحديث عن الاجتماع و الاقتصاد، فسيكفينا رصد ما عرفته هذه الأيام من ارتفاع للأسعار في كل شيء في الحليب و المحروقات و بعض المواد الغذائية،  فألهبت فؤاد المسكين، و زادته تفقيرا و تنكيلا، فلم يجد إلى من يشكي له سوء أحواله و الضنك القاسي الذي أحل به، اجتمع عليه كل شيء، مصاريف الأعياد و أتعاب الدخول المدرسي، في مقابل انعدام لمصادر الاسترزاق، فبات اليأس و السأم يخيم على حياته، إنه استبداد يا أخي، الذي لم يترك باب إلا طرقه، و لا بيت إلا دخله، عكر صفو كل شيء، و أضاق على العباد عيشهم و كبل حرياتهم، بسبب زمرة لا تريد أن تبوح بحقيقة الواقع المزري فباتت تطبل و تزمر، مساهمة بشكل كبير في إطالة أمد الاستبداد مرممة إياه لكي يتبدى في صور أخرى، ليجلوا لشعب مستضعف أن فعلا هناك تغيير، لكنه تمثيل مسرحي بأبطال مبدعين في سياسات التماطل و التسويف.
كل هذا يجعلنا نقول بأن الاستبداد يبقى استبدادا و لو تلون بألوان متعددة و تسربل في أشكال شتى، لأنه كساد مستشري يقبع من وراءه كل مستضعف، و أن كل ما يظنون هو في خدمة الشعب في ظل هذا المناخ هو ترميم  للاستبداد و تحيينه وفق متطلبات أي مرحلة على حدة، الأمر الذي بات يوضح بجلاء كبير أن همهم الوحيد هو التفكير في الاستبداد المستدام بشروط مضمونة و واقعية.


شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة